-A +A
محمد أحمد الحساني
في علاقات الدول التي تحترم نفسها وغيرها لا يمكن أن تبنى المواقف على افتراضات وتوقعات وتُهم أو على حروف وكلمات مرتبطة بالمستقبل مثل: إذا فعلت الدولة الفلانية ما نسب لها فإنها ستتعرض لعقوبات قاسية إلى غير ذلك من العبارات التي تمس كرامة الدول والشعوب المستهدفة بحملات إعلامية أو سياسية، بل إن العلاقات الطبيعية هي أن تكون المواقف مبنية على الأناة والتروي، وحتى في حالة وجود شكوك في حصول أمر ما يوجه التهمة إلى دولة ما فإن القاعدة العامة في مثل هذه الأحوال هي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وليس مجرماً حتى تثبت براءته، وهي قاعدة يجب أن تنطبق على الدول والجماعات والأفراد حتى تستقيم العدالة وتأخذ الحقائق الدامغة طريقها إلى النور.

ويوجد من كل دولة وأخرى قنوات دبلوماسية تستطيع من خلالها التواصل بهدوء وتبادل المعلومات والوثائق والمستندات والحقائق، ثم بعد ذلك يكون من حق كل طرف أن يعلن عن مواقفه بعد أن تصبح الأمور واضحة وضوح الشمس، وهو ما عهدناه عقوداً طويلة في علاقات الدول بعضها مع بعض، أما أن تصبح المواقف السياسية المبنية على افتراضات مثل إذا وربما ومن المحتمل مجالاً لتهديد الدول المستهدفة وإظهارها بمظهر العاجز عن الدفاع عن نفسه، فإن كرامة تلك الدول تأبى أن تمرر ما يوجه لها من تهديد ووعيد، لا سيما إذا كان الجميع يعلنون أن التحقيقات لم تنتهِ والحقائق لم تظهر والأمور لم تتضح.


إن العديد من الأزمات الكبرى سبق وقوعها بين دول العالم، ولو أنها عولجت في حينه بطريقة غوغائية لما مر شهر أو شهران دون دخول تلك الدول وربما العالم في حروب لا تبقي ولا تذر، ولأصبحت علاقات الدول المتخاصمة أو المختلفة حول قضية معينة في مهب الريح. إن الدبلوماسية الهادئة الرصينة هي التي تضع الأمور المختلف حولها في إطارها وحجمها الصحيح، ولكن ما هو الحل إذا كان الرئيس يلقى الكلام على عواهنه ماساً به كرامات دولة أو دول أخرى وهو يستمتع بالهتاف والتصفيق؟!

* كاتب سعودي

mohammed.ahmad568@gmail.com